بقلم: الإعلامي محمد الباقر ترشيشي
مدير موقع صدى الولاية الإخباري
في الخامس والعشرين من أيار، لا نحتفل فقط بانسحاب العدو، بل نحيي يومًا دُحر فيه المستحيل. عيد المقاومة والتحرير ليس محطة في الذاكرة، بل جرح لم يندمل تحوّل إلى نصر، ورماد احتلال صار جمرة حرية.
لم يكن التحرير صدفة. كان نتيجة تراكمٍ من الدم والدمع، من صبر الأمهات، ودماء الشهداء، وعناد المقاومين الذين قرّروا أن زمن الهزائم قد انتهى. هنا، في قرى الجنوب، صمد الفلاح في أرضه كما صمد المقاتل في خندقه. تشاركوا الرغيف والمقاومة، وتقاسموا الخوف والإيمان، فصنعوا ملحمة لم تفهمها دبابات العدو ولا تقارير استخباراته.
واليوم، في استحقاق الانتخابات البلدية، أكد أهل الجنوب كما البقاع والضاحية وجبل لبنان أن زمن الانتصارات مستمر. فكل صندوق اقتراع كان بمثابة متراس جديد بوجه مشاريع التفرقة والإلغاء. الناس اختاروا المقاومة، لا فقط في الميدان، بل في الإدارة والإنماء والخدمة. قالوا كلمتهم بوضوح: نحن هنا، أوفياء للدم، ومصمّمون على حفظ النصر في كل ساحة.
وهنا نستحضر الكلمة التي غيّرت مجرى التاريخ، حين صدح سماحة سيدنا السيد حسن نصرالله: “ولى زمن الهزائم، وجاء زمن الانتصارات.”
هذه ليست عبارة عابرة، بل مسار كامل نعيشه ونصونه، من تحرير الأرض إلى تحرير الوعي، من دحر العدو إلى بناء الدولة العادلة القادرة.
في عيد المقاومة والتحرير، لا نكتفي بالاحتفال. نحن نعيد تجديد البيعة. نقول لأعدائنا: لم تخرجوا من الجنوب لأنكم أردتم، بل لأنكم هُزمتم. ونقول لأهلنا: أنتم من كتب المجد، وأنتم اليوم من يحفظه ويصونه في وجه حرب ناعمة لا تقل خطورة.
فلنحمل هذا اليوم كراية، لا كذكرى فقط. ولنجعل من كل صوت انتخابي، كل موقف، كل كلمة في الإعلام، سلاحًا بوجه المحتل وأدواته. هذا هو معنى التحرير الحقيقي: أن نصونه يوميًا، بالكلمة والموقف، بالوعي والصدق، بالجرأة والوفاء.
التحرير بدأ بالسلاح، ويُستكمل بالإرادة والوعي والصبر والبصيرة